بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
التوسل لغة: التقرب، يقال: توسلت إلى الله بالعمل: أي تقربت إليه ، وتوسل إلى فلان بكذا : تقرب إليه بحرمة آصرة تعطفه عليه.
والوسيلة هي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود . قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} –المائدة: 35-. ووسل إلى الله تعالى توسيلا : عمل عملا تقرب به إليه كتوسل. والواسل : الراغب إلى الله تعالى.
التوسل في اصطلاح الفقهاء:
ولا يخرج التوسل في الاصطلاح عن معناه في اللغة ، فيطلق على ما يتقرب به إلى الله تعالى من فعل الطاعات وترك المنهيات ، وعليه حمل المفسرون قوله تعالى : {وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} .
ويطلق التوسل أيضا على التقرب إلى الله بطلب الدعاء من الغير ، وعلى الدعاء المتقرب به إلى الله تعالى باسم من أسمائه ، أو صفة من صفاته ، أو بخلقه كنبي ، أو صالح ، أو العرش ، وغير ذلك، على خلاف وتفصيل بين الفقهاء[1].
حكم التوسل:
التوسل لا يأخذ حكما واحدا، فهناك توسل مشروع، وتوسل مختلف فيه، وتوسل ممنوع، وبيان ذلك كما يلي:
أولا: التوسل المشروع: ويدخل تحته نوعان:
1- التوسل إلى الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، كأن يقول: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق. أو اللهم إنا نسألك بأنك أنت الواحد الأحد. قال تعالى: (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) – الأعراف: 180-، وقال سبحانه: (وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة).
2- التوسل إلى الله بالعمل الصالح، كما في قصة أصحاب الغار، حين انحدرت عليهم صخرة فسدت عليهم الغار فتوسل كل واحد منهم إلى الله تعالى بصالح عمله، فانفرجت الصخرة، كما ثبت ذلك في حديث ابن عمر في الصحيحين.
ثانيا: التوسل الممنوع:
وهو التوسل الشركي وهذا يكون بتوجيه العبادات لغير الله كالدعاء والذبح والنذور، كما يفعل بعض العوام بالنذر لولي من الأولياء، وبالوقوف على قبره والتمسح به وسؤال الولي من دون الله.
ثالثا: التوسل المختلف فيه، وهو التوسل بذات النبي – صلى الله عليه وسلم- وبجاهه:-
اختلف الفقهاء في جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم، فذهب أكثر الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة إلى جوازه، وذهب الحنفية وشيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة إلى منعه.
والقائلون بجواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وجاهه استدلوا بأدلة كثيرة ومن أقوى هذه الأدلة حديثان:
الحديث الأول: رواه البخاري عن عمر رضي الله عنه قال: "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا، فيسقون".
واعترض المانعون على أن يكون هذا الحديث دليلا على جواز التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا: هذا حجة عليهم لا لهم؛ لأن هذا توسل بدعاء الرجل الصالح الحي الحاضر لا توسل بذاته.
الحديث الثاني: حديث الأعمى الذي رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد من حديث عثمان بن حنيف: أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ادع الله أن يعافيني، قال: إن شئت دعوت وإن شئت صبرت فهو خير لك، قال: فادعه، قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه، ويدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه لتقضى لي، اللهم فشفعه في. والحديث صححهالألباني.
واعترض المانعون على هذا الحديث أيضا وقالوا: إن هذا الحديث لا دلالة فيه؛ لأنه توسل بدعاء النبي لا بذاته؛لقول الأعمى في دعائه: اللهم فشفعه في، فعلم بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له وشفع إلى الله فيه.
ومن أراد المزيد يمكنه الوقوف على الفتاوى التالية:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق