الفصل الاول
الأب: أظن يابنى ده الوقت اللى لازم نقعد فيه ونتكلم سوا عن الجنس.. إنت كبرت وبقى عندك 15 سنة.
الإبن: طبعاً يابابا...بس يا ريت حضرتك تقول لى عايز تعرف إيه؟!
هذه المرة ليست نكتة ولكنه حوار أتخيل أنه من الممكن أن يحدث فى أى بيت نظراً لتعدد وسائل المعرفة الجنسية عند المراهقين والتى يندهش الآباء كيف توصل إليها او تعرف عليها هؤلاء المراهقون فى تلك السن الخطيرة، والمراهقة تكتسب صفة الخطورة هذه من كونها سن تفجر المشاعر والعواطف والرغبات التى تدخل سباقاً مع النمو البيولوجى الجسدى، وعندما يحدث التناقض بين الإثنين أو عندما لا تلبى الإحتياجات سواء النفسية أو البيولوجية هنا تحدث المأساة لدى المراهقين، تلك الفئة الحساسة الغاضبة التى يؤرقها الفضول وتحرقها الرغبة ويهزها القلق، فهم يبحثون عن الثقة بالنفس فيواجهون بأنهم مجرد عيال، ويتصرفون فى بعض الأحيان تحت قوة دفع الدهشة الطفولية، فيتم تأنيبهم على أنهم قد تخطوا هذه المرحلة وأصبحوا رجالاً أو أصبحن مودموزيلات، ولهذا لا يليق أن يصدر منهم مثل هذه التصرفات، وتحت وطأة هذا الصراع المشتعل تتشكل ملامح المراهقة التى إما ان تكون جسراً آمناً للعبور إلى مرحلة النضج أو بركاناً ثائراً تنطلق منه الحمم وتذوب فيه الشخصية وتتفتت.
ما هى العوامل التى تتحكم فى حساسية هذا السن؟ وما هى المفاهيم التى تستند إليها معتقدات وميول ورغبات وتناقضات هذه المرحلة؟
أول ما يتحكم فى هذه المرحلة هو الروابط أو التفاعلات فيما بين البلوغ وشكل الجسمBody image أو صورته ثم ما يمكن أن نطلق عليه صورة النفس SELF IMAGE.
فى هذه المرحلة ويتسلط على المراهق وسواس الجاذبية وتصبح المراهقة أسيرة للمرآة، يظل المراهق يتحسس عضلات صدره وينفشها متخايلاً كالطاووس وتظل المراهقة تداعب خصلات شعرها وتلمس بشرتها ويمتلئ قاموسها بمفردات وأدوات الماكياج وخطوط الموضة، فالمجتمع يجبره ويجبرها على ذلك، فمقياس الهوية لديه هو مدى الجاذبية، ومدى الجاذبية يحدده الشكل أولاً وأخيراً بمقاييس ومواصفات ذلك المجتمع ومن خلال معتقدات أفراده وبث وسائل إعلامه وتمجيدها لأنماط معينة من الوسامة، كل هذا يلتقطه المراهقون ويجسدونه كنموذج يجب عليهم تقليده. وتبدأ التساؤلات التى غالباً ما تكون أمام المرآة كانت تتعلق بصورة الجسم أو أمام الأصدقاء الحميمين إذا كانت تتعلق بصورة النفس.
هل أنا طويل أم قصير نوعاً ما؟
ما الحل فى شعرى المجعد؟
هل رفع الأثقال سيخفى هذا البروز الشديد فى عظام لصدر ويكسوها بالعضلات والمجانص؟
هل أنا لبق حين أتحدث إلى البنات؟ هل أنا جذابة للشبان؟
هل وألف هل تدور كالنحلة فى رؤوس هؤلاء المراهقين حتى يغطى طنينها كل ماعداها.
والسبب الأساسى للإهتمام الشديد بصورة الجسم عند المراهق هو أنه لم يشكل هويته بعد، إنه لا يزال يشكل فيها كالصلصال الذى لم يأخذ بعد شكله النهائى كتمثال واضح الملامح، فيظل سؤاله هو:
كيف أبدو وكيف يرانى الآخرون؟ بدلاً من سؤال من أنا؟
إنه لم يصل بعد إلى الطريقة المثلى لعمل هذه الطبخة السحرية المسماة بالهوية والتى ما زالت مقاديرها ومكوناتها سراً مستعصياً عليه فى مثل هذه السن، إنها ذلك التوازن فى علاقته بنفسه والآخرين أو ما يطلق عليه ال self -esteem فى العادة لا يوجد فرق فى هذه الأحاسيس بالنسبة لصورة الجسد بين الولد والبنت إلا أن البنت تتميز بأن الأنوثة المراهقة عندها تتميز بحدث جلل وظاهر يعلن عن نفسه بتحدى وقوة وعنفوان.....إنه الثدى الذى لا يجاريه فى ثورته خشونة صوت الولد أو زغب الذقن، إنه شئ آخر إعلانه أكثر ضجيجا، وتصريحه أكثر جرأة وجسارة وإثارة.
ثانى ما يتحكم فى هذه المرحلة هو الرغبة فى معرفة الجسد والفضول الشديد للتعلم عن ماهيته ومفرداته وأسراره وما يصاحب هذه الرغبة وهذا الفضول من أحاسيس وإستجابات وإحتياجات جنسية، فالجسد ليس هيئة خارجية فقط، ليس مجرد شعر على الذقن أو خشونة فى الصوت أو بروز للثدى، ولكنه تفاعلات داخلية فى أغلب الأحيان لا يجد المراهق لها تفسيراً أو إجابة ولا يتطوع الكبار بتقديم مثل هذا التفسير أو هذه الإجابة من منطلق العيب والخجل فلا يوجد التمهيد المفروض أو حتى الرد المناسب على مثل هذه الأسئلة المحيرة والمثيرة للقلق، فمثلاً تجهل الفتاة أن البلل فى ملابسها الداخلية نتيجة إفرازات مهبلية طبيعية جداً فى مثل هذا السن، ويجهل الفتى أيضاً أن القذف الذى حدث ليلاً نتيجة الإحتلام هو الآخر شئ طبيعى لا يشينه وعادى لا يثير إشمئزازه أو إحساسه بالذنب والجرم والاثم.
الفصل الثاني
"ماذا حدث لى فى الأتوبيس؟... لماذا عندما غفوت لحظات على مقعدى ثم إستيقظت وجدت مشهداً مخجلاً... إنتصاباً ظاهراً لكل ركاب الأتوبيس.. إنى لم أحلم بشئ، والجالس على المقعد المجاور رجل غارق فى سابع نومه، وكل الظروف غير مهيأة للحدث... إنى حائر فعلاً!!".
سألنى الفتى هذا السؤال وهو فى غاية الفزع والهلع عن معنى هذا ومغزاه، وتحول صوته الجسور أو الذى كان جسوراً إلى مجرد همس خافت، وصارت جبهته النافرة مجرد إطراقة.
مثل هذا الفتى هل ننتظر منه ومن أقرانه أن يظلوا واضعين الأيدى على الخدود واقفين عند حدود منطقة النظر فقط أم يقتحمون التخوم ويدخلون إلى معسكر الكشف، أعتقد أن جميعهم سيفعلون ذلك حتى ولو كان المعسكر مليئاً بالألغام.
إن الفتيان يقضون الساعات فى تلمس أعضائهم التناسلية وقياسها ومقارنتها، والغالبية تقع صرعى لأسطورة طول القضيب وحجمه.
الفتيات أيضاً يصيبهن وسواس الثدى الأزلى.. الفرق بين حجم الثديين ومدى إستدارتهما والشعر الذى يحيط بالحلمة، وشكل الحلمة ومدى بروزها....الخ.
كل هذا موجود وأيضاً مشروع، ومع هذا الكشف تتم الإثارة التى تكون فى البداية مجرد صدفة ثم تتحول إلى غاية، وتبدأ التفاصيل فى التزايد والتراكم، فبعد إكتشاف الترابط بين هذا الكشف والإثارة نجد أن الباب الموارب يفتح لتتسع المسافة المتاحة لمثل هذه الرغبات والأسئلة، ما الذى يجعل هذه الإثارة تأتى بسرعة؟ كيف أربطها بالفانتازيا؟ ما هى المدة التى أستطيع أن أحافظ فيها على هذه الإثارة؟ كيف أستطيع إشعالها بعد الإنطفاء؟ ما هو الأورجازم؟؟ ...الخ، كل هذه الأسئلة وغيرها هى أجهزة الرصد التى يستخدمها المراهقون فى رحلة إستكشاف الجسد وتضاريسه ومنعطفاته وطرقه السالكة والوعرة، وأيضاً الفخاخ المنصوبة فى دروبه!! وبالطبع يحدث هذا فى البداية على إنفراد بين المراهق ونفسه، ولكنه بمرور الوقت يصبح هذا الإستكشاف مهمة مشتركة، فيكتشف المراهق جسده بواسطة من تعينه وتساعده على رسم الخريطة الصحيحة وبكل دقة، لأنك مهما بلغت من خبرة فى متاهات الجسد فإنك حتماً تحتاج إلى مرشد، ومهما أتقنت اللغة فإنك بالتأكيد ستحتاج إلى من يساعدك على الترجمة.
ثالث المفاهيم التى تتحكم فى ميكانزم المراهقة هو ما يسميه ماسترز وجونسون تزييف الهوية، تلك التى يعد البحث عنها هو جوهر هذا السن، كما يصفها العالم النفسى إريكسون، والهوية ليست هى البطاقة الشخصية كما يطلق عليها أبناء الشام، ولكن للأسف كما اخترع المجتمع السجل المدنى لكتابة بيانات البطاقة الشخصية اخترع لنا المفاهيم الجاهزة لصياغة بيانات الهوية، ولذلك فنحن نظل نخضع لهذه المواصفات القياسية، ولكى ينجح المراهق "الصح" من وجهة نظرنا لا بد أن يعلق اليافطة التى خطتها يد المجتمع، فإذا أحبت الفتاة لعبة الرماية فهى إنسانة "مسترجلة"، وإن مارس الفتى "الباليه" فهو شخصية "منسونة"!! وهكذا فلا بد للمراهق أن يزيف هويته لكى تتطابق مع العملات التى اعترف بها المجتمع وإلا لن تصرف من أى بنك، وهذا فى إعتقادى الشخصى التزييف الوحيد الذى يقره المجتمع ولا يعاقب عليه القانون ولا يقبض على صاحبه بتهمة التزييف والنصب وكما تعلم المراهق أن يرسم صورة الجسد والنفس والهوية، فهو يتعلم ايضاً فى هذه العمر أن يرسم ملامح العلاقات الرومانسية والجنسية أيضاً، وهنا لن ينفع أن يرسمها بريشته وحده ولكنه لا بد أن يرسمها بريشة مشتركة وأن يستعير بعض ألوانه من الآخرين، وهنا يبرز مفهوم الشلة التى كثيراً ما يهاجمها الأب وتتذمر عليها الأم، ولكنها تقف كالجبل، فالشلة مكان الهروب والتمرد والفهم وأيضاً الممارسات الرومانسية وبذور الممارسات الجنسية، ويتصور المراهقون وقتها أن الشلة أبدية لن تنفصم عراها أو ينفرط عقدها فهى المدرسة البديلة التى تتسامح معه إن أخطأ، وتحتويه إن أحس بالوحشة.
نأتى إلى آخر هذه المفاهيم التى تنمو خلال سلم المراهقة المعقد والملتوى، وهو نمو قيم المراهق الجنسية الخاصة وتشكيله لنظامه الجنسى الخاص، فالبعض منهم يمارس الجنس كنوع من المشاركة والحميمية، والبعض يمارسه كمتعة عرضية تطفئ لهيب الرغبة المشتعلة بداخله، والبعض يتوج به علاقة حب.
كل هذه الأنواع من الممارسات يضبط عيارها وتشكل ملامحها تبعاً لعدة مؤثرات منها الدينى والأخلاقى والإجتماعى، وفى بعض الأحيان آراء الأصدقاء المقربين التى غالباً ما تتفوق على كل هذه العوامل مجتمع
الأب: أظن يابنى ده الوقت اللى لازم نقعد فيه ونتكلم سوا عن الجنس.. إنت كبرت وبقى عندك 15 سنة.
الإبن: طبعاً يابابا...بس يا ريت حضرتك تقول لى عايز تعرف إيه؟!
هذه المرة ليست نكتة ولكنه حوار أتخيل أنه من الممكن أن يحدث فى أى بيت نظراً لتعدد وسائل المعرفة الجنسية عند المراهقين والتى يندهش الآباء كيف توصل إليها او تعرف عليها هؤلاء المراهقون فى تلك السن الخطيرة، والمراهقة تكتسب صفة الخطورة هذه من كونها سن تفجر المشاعر والعواطف والرغبات التى تدخل سباقاً مع النمو البيولوجى الجسدى، وعندما يحدث التناقض بين الإثنين أو عندما لا تلبى الإحتياجات سواء النفسية أو البيولوجية هنا تحدث المأساة لدى المراهقين، تلك الفئة الحساسة الغاضبة التى يؤرقها الفضول وتحرقها الرغبة ويهزها القلق، فهم يبحثون عن الثقة بالنفس فيواجهون بأنهم مجرد عيال، ويتصرفون فى بعض الأحيان تحت قوة دفع الدهشة الطفولية، فيتم تأنيبهم على أنهم قد تخطوا هذه المرحلة وأصبحوا رجالاً أو أصبحن مودموزيلات، ولهذا لا يليق أن يصدر منهم مثل هذه التصرفات، وتحت وطأة هذا الصراع المشتعل تتشكل ملامح المراهقة التى إما ان تكون جسراً آمناً للعبور إلى مرحلة النضج أو بركاناً ثائراً تنطلق منه الحمم وتذوب فيه الشخصية وتتفتت.
ما هى العوامل التى تتحكم فى حساسية هذا السن؟ وما هى المفاهيم التى تستند إليها معتقدات وميول ورغبات وتناقضات هذه المرحلة؟
أول ما يتحكم فى هذه المرحلة هو الروابط أو التفاعلات فيما بين البلوغ وشكل الجسمBody image أو صورته ثم ما يمكن أن نطلق عليه صورة النفس SELF IMAGE.
فى هذه المرحلة ويتسلط على المراهق وسواس الجاذبية وتصبح المراهقة أسيرة للمرآة، يظل المراهق يتحسس عضلات صدره وينفشها متخايلاً كالطاووس وتظل المراهقة تداعب خصلات شعرها وتلمس بشرتها ويمتلئ قاموسها بمفردات وأدوات الماكياج وخطوط الموضة، فالمجتمع يجبره ويجبرها على ذلك، فمقياس الهوية لديه هو مدى الجاذبية، ومدى الجاذبية يحدده الشكل أولاً وأخيراً بمقاييس ومواصفات ذلك المجتمع ومن خلال معتقدات أفراده وبث وسائل إعلامه وتمجيدها لأنماط معينة من الوسامة، كل هذا يلتقطه المراهقون ويجسدونه كنموذج يجب عليهم تقليده. وتبدأ التساؤلات التى غالباً ما تكون أمام المرآة كانت تتعلق بصورة الجسم أو أمام الأصدقاء الحميمين إذا كانت تتعلق بصورة النفس.
هل أنا طويل أم قصير نوعاً ما؟
ما الحل فى شعرى المجعد؟
هل رفع الأثقال سيخفى هذا البروز الشديد فى عظام لصدر ويكسوها بالعضلات والمجانص؟
هل أنا لبق حين أتحدث إلى البنات؟ هل أنا جذابة للشبان؟
هل وألف هل تدور كالنحلة فى رؤوس هؤلاء المراهقين حتى يغطى طنينها كل ماعداها.
والسبب الأساسى للإهتمام الشديد بصورة الجسم عند المراهق هو أنه لم يشكل هويته بعد، إنه لا يزال يشكل فيها كالصلصال الذى لم يأخذ بعد شكله النهائى كتمثال واضح الملامح، فيظل سؤاله هو:
كيف أبدو وكيف يرانى الآخرون؟ بدلاً من سؤال من أنا؟
إنه لم يصل بعد إلى الطريقة المثلى لعمل هذه الطبخة السحرية المسماة بالهوية والتى ما زالت مقاديرها ومكوناتها سراً مستعصياً عليه فى مثل هذه السن، إنها ذلك التوازن فى علاقته بنفسه والآخرين أو ما يطلق عليه ال self -esteem فى العادة لا يوجد فرق فى هذه الأحاسيس بالنسبة لصورة الجسد بين الولد والبنت إلا أن البنت تتميز بأن الأنوثة المراهقة عندها تتميز بحدث جلل وظاهر يعلن عن نفسه بتحدى وقوة وعنفوان.....إنه الثدى الذى لا يجاريه فى ثورته خشونة صوت الولد أو زغب الذقن، إنه شئ آخر إعلانه أكثر ضجيجا، وتصريحه أكثر جرأة وجسارة وإثارة.
ثانى ما يتحكم فى هذه المرحلة هو الرغبة فى معرفة الجسد والفضول الشديد للتعلم عن ماهيته ومفرداته وأسراره وما يصاحب هذه الرغبة وهذا الفضول من أحاسيس وإستجابات وإحتياجات جنسية، فالجسد ليس هيئة خارجية فقط، ليس مجرد شعر على الذقن أو خشونة فى الصوت أو بروز للثدى، ولكنه تفاعلات داخلية فى أغلب الأحيان لا يجد المراهق لها تفسيراً أو إجابة ولا يتطوع الكبار بتقديم مثل هذا التفسير أو هذه الإجابة من منطلق العيب والخجل فلا يوجد التمهيد المفروض أو حتى الرد المناسب على مثل هذه الأسئلة المحيرة والمثيرة للقلق، فمثلاً تجهل الفتاة أن البلل فى ملابسها الداخلية نتيجة إفرازات مهبلية طبيعية جداً فى مثل هذا السن، ويجهل الفتى أيضاً أن القذف الذى حدث ليلاً نتيجة الإحتلام هو الآخر شئ طبيعى لا يشينه وعادى لا يثير إشمئزازه أو إحساسه بالذنب والجرم والاثم.
الفصل الثاني
"ماذا حدث لى فى الأتوبيس؟... لماذا عندما غفوت لحظات على مقعدى ثم إستيقظت وجدت مشهداً مخجلاً... إنتصاباً ظاهراً لكل ركاب الأتوبيس.. إنى لم أحلم بشئ، والجالس على المقعد المجاور رجل غارق فى سابع نومه، وكل الظروف غير مهيأة للحدث... إنى حائر فعلاً!!".
سألنى الفتى هذا السؤال وهو فى غاية الفزع والهلع عن معنى هذا ومغزاه، وتحول صوته الجسور أو الذى كان جسوراً إلى مجرد همس خافت، وصارت جبهته النافرة مجرد إطراقة.
مثل هذا الفتى هل ننتظر منه ومن أقرانه أن يظلوا واضعين الأيدى على الخدود واقفين عند حدود منطقة النظر فقط أم يقتحمون التخوم ويدخلون إلى معسكر الكشف، أعتقد أن جميعهم سيفعلون ذلك حتى ولو كان المعسكر مليئاً بالألغام.
إن الفتيان يقضون الساعات فى تلمس أعضائهم التناسلية وقياسها ومقارنتها، والغالبية تقع صرعى لأسطورة طول القضيب وحجمه.
الفتيات أيضاً يصيبهن وسواس الثدى الأزلى.. الفرق بين حجم الثديين ومدى إستدارتهما والشعر الذى يحيط بالحلمة، وشكل الحلمة ومدى بروزها....الخ.
كل هذا موجود وأيضاً مشروع، ومع هذا الكشف تتم الإثارة التى تكون فى البداية مجرد صدفة ثم تتحول إلى غاية، وتبدأ التفاصيل فى التزايد والتراكم، فبعد إكتشاف الترابط بين هذا الكشف والإثارة نجد أن الباب الموارب يفتح لتتسع المسافة المتاحة لمثل هذه الرغبات والأسئلة، ما الذى يجعل هذه الإثارة تأتى بسرعة؟ كيف أربطها بالفانتازيا؟ ما هى المدة التى أستطيع أن أحافظ فيها على هذه الإثارة؟ كيف أستطيع إشعالها بعد الإنطفاء؟ ما هو الأورجازم؟؟ ...الخ، كل هذه الأسئلة وغيرها هى أجهزة الرصد التى يستخدمها المراهقون فى رحلة إستكشاف الجسد وتضاريسه ومنعطفاته وطرقه السالكة والوعرة، وأيضاً الفخاخ المنصوبة فى دروبه!! وبالطبع يحدث هذا فى البداية على إنفراد بين المراهق ونفسه، ولكنه بمرور الوقت يصبح هذا الإستكشاف مهمة مشتركة، فيكتشف المراهق جسده بواسطة من تعينه وتساعده على رسم الخريطة الصحيحة وبكل دقة، لأنك مهما بلغت من خبرة فى متاهات الجسد فإنك حتماً تحتاج إلى مرشد، ومهما أتقنت اللغة فإنك بالتأكيد ستحتاج إلى من يساعدك على الترجمة.
ثالث المفاهيم التى تتحكم فى ميكانزم المراهقة هو ما يسميه ماسترز وجونسون تزييف الهوية، تلك التى يعد البحث عنها هو جوهر هذا السن، كما يصفها العالم النفسى إريكسون، والهوية ليست هى البطاقة الشخصية كما يطلق عليها أبناء الشام، ولكن للأسف كما اخترع المجتمع السجل المدنى لكتابة بيانات البطاقة الشخصية اخترع لنا المفاهيم الجاهزة لصياغة بيانات الهوية، ولذلك فنحن نظل نخضع لهذه المواصفات القياسية، ولكى ينجح المراهق "الصح" من وجهة نظرنا لا بد أن يعلق اليافطة التى خطتها يد المجتمع، فإذا أحبت الفتاة لعبة الرماية فهى إنسانة "مسترجلة"، وإن مارس الفتى "الباليه" فهو شخصية "منسونة"!! وهكذا فلا بد للمراهق أن يزيف هويته لكى تتطابق مع العملات التى اعترف بها المجتمع وإلا لن تصرف من أى بنك، وهذا فى إعتقادى الشخصى التزييف الوحيد الذى يقره المجتمع ولا يعاقب عليه القانون ولا يقبض على صاحبه بتهمة التزييف والنصب وكما تعلم المراهق أن يرسم صورة الجسد والنفس والهوية، فهو يتعلم ايضاً فى هذه العمر أن يرسم ملامح العلاقات الرومانسية والجنسية أيضاً، وهنا لن ينفع أن يرسمها بريشته وحده ولكنه لا بد أن يرسمها بريشة مشتركة وأن يستعير بعض ألوانه من الآخرين، وهنا يبرز مفهوم الشلة التى كثيراً ما يهاجمها الأب وتتذمر عليها الأم، ولكنها تقف كالجبل، فالشلة مكان الهروب والتمرد والفهم وأيضاً الممارسات الرومانسية وبذور الممارسات الجنسية، ويتصور المراهقون وقتها أن الشلة أبدية لن تنفصم عراها أو ينفرط عقدها فهى المدرسة البديلة التى تتسامح معه إن أخطأ، وتحتويه إن أحس بالوحشة.
نأتى إلى آخر هذه المفاهيم التى تنمو خلال سلم المراهقة المعقد والملتوى، وهو نمو قيم المراهق الجنسية الخاصة وتشكيله لنظامه الجنسى الخاص، فالبعض منهم يمارس الجنس كنوع من المشاركة والحميمية، والبعض يمارسه كمتعة عرضية تطفئ لهيب الرغبة المشتعلة بداخله، والبعض يتوج به علاقة حب.
كل هذه الأنواع من الممارسات يضبط عيارها وتشكل ملامحها تبعاً لعدة مؤثرات منها الدينى والأخلاقى والإجتماعى، وفى بعض الأحيان آراء الأصدقاء المقربين التى غالباً ما تتفوق على كل هذه العوامل مجتمع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق