الخميس، 3 مارس 2011

خطاب معمر القذافي الاخير عن احداث ليبيا

خطاب معمر القذافي الاخير عن احداث ليبيا



القذافي يواصل تمجيد نفسه وسط ثورة شعبه ضده
كشف الرئيس الليبي العقيد معمر القذافي الأربعاء 2 مارس 2011 عن تفاجئه بالمظاهرات المؤيدة له حاليا في جميع أنحاء البلاد رغم أنه ليس رئيساً !
هذا المقطع الذي بدأنا به المقالة لا يعكس مدى خطورة الوضع الميداني في ليبيا، لكنه بالتأكيد يعبر عن حالة اعتباطية يتخبط فيها القذافي بعد أن أصبح حديث المجالس والمواقع الإلكترونية التي تتندر بكل خطاب يصدر عنه منذ اندلاع الثورة الليبية الثانية.
ويمكن القول إن مفعول خطابات القذافي التي تواترت منذ بدء انتفاضة الشارع الليبي عشية 17 فبراير، أصبح مثل وقع المسكنات على المتألم، لتلعب دور المخفف من الصدمة لهول ما يُشاهد من  مجازر وتقتيل في الشوارع الليبية والتي تتدفق صورها على صفحات المواقع الاجتماعية الإلكترونية وعلى شاشات التلفزيونات.
فماذا تضمن خطاب القذافي اليوم من طرائف،  بدأ بعد المتلقين بالتندر بها، متناسين ربما خطورة الوضع الكارثي الذي يعيشه المواطن الليبي الأعزل؟
تحدى  معمر القذافي  في كلمة مطولة ألقاها اليوم بمناسبة الاحتفال بمرور 34 سنة على إعلان قيام سلطة الشعب كل من يشكك في سلطة الشعب والجماهيرية، مؤكدا أنه لا يمارس أي سلطة من أي نوع منذ 2 مارس 1977، قائلا:" نضع أصابعنا في عيني من يشكك في سلطة الشعب والجماهيرية هي ممارسة الشعب للديمقراطية بدون انتخابات والشعب هو أساس النظام السياسي"، وفق تنظيره السياسي.
ومجّد القذافي نفسه قائلا: "قمت بثورتي عام 1969 وسلمت السلطة للشعب وارتحت في خيمتي، فأنا مجرد مرجعية ومجرد رمز".
ويقول القذافي إنه بلا منصب ليستقيل منه، حيث إنه ترك كل صلاحياته للشعب الليبي بعد "ثورة الفاتح في ليبيا"، مستدركا بالقول:"إذا كان شعب ليبيا لا يحبني فأنا لا أستحق الحياة".
ونفى القذافي في الصدد ذاته أن يتجرأ شعبه على شتمه متسائلا :" هل يمكن أن يسب أحد الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر أو الشيخ زايد بن سلطان رئيس الإمارات السابق؟".
قتلى بالآلاف...
ومن مضحكات ومبكيات الواقع الليبي، أن تقارير عالمية اليوم أعلنت عن سقوط الآلاف من الليبيين ضحايا النظام "القذافي" حيث كشف عضو الجنائية الدولية عن سقوط نحو 10 آلاف قتيل و50 ألف جريح في ليبيا في تصريح لإحدى القنوات الفضائية.
في المقابل يرى العقيد الليبي أن عدد القتلى لا يتجاوز 150 إلى 200 قتيل ونصفهم من قوات الشرطة والجيش!
كما كذّب القذافي أنباء استقالات الضباط معتبرا أن استقالات بعضهم جاء نتيجة الضغط عليهم بعد تعرضهم لتهديدات باغتصاب أسرهم!
وعلى وقع الدماء والقتلى والدمار، يردد المؤيدون للقذافي والذين حضروا بكثافة خطابه هتافات منها: "الله ومعمر وليبيا وبس"!
وقد اضطر القذافي، الذي بدا أكثر تحكما في أعصابه هذه المرة، التوقف كثيراً أثناء خطابه الطويل ليستمع بخيلاء وبشعور العظمة وربما باستعلاء، إلى الهتافات المؤيدة له، وهو ما زاده ربما اقتناعا بأنه على صواب فيما يقوله منذ 42 سنة وبنفس الوتيرة.
ويلحّ  القذافي في القول إنه  ليس هناك أي اضطرابات في الداخل، ولكنّ الإذاعات الأجنبية هي التي تتحدث عن وجود عنف في البلاد.
لكنه يتناقض مع ما يصرح بقوله في هذا الصدد: "لا يتابع المحطات التلفزيونية لأنها مضيعة للوقت"، حسب تعبيره. 
ويصف القذافي القنوات الخارجية بأنها تسعى للإثارة والفتنة، متهماً إياها بأن هدفها تحدي إنجازات الثورة مثل النهر الصناعي العظيم وتأميم النفط، وقال إن الثورة – ثورته عام 1969- هي التي صنعت اسم ليبيا وتاريخها في العالم.
في الخطاب ذاته يتناقض القذافي مع ما نفاه  بخصوص "الاضطرابات" ويشير  بأصابع الاتهام إلى تنظيم القاعدة بالوقوف وراء احتجاجات شعبية تنادي برحيله بعد 42 عاماً في الحكم. لكنه يتراجع في قوله، وفي الخطاب نفسه بأنه إذا كان ثمة مظاهرات، فهي فقط للرد على مؤامرات خارجية تستهدفه وتستهدف ليبيا، مبيناً أن هتافات التأييد له خرجت تلقائية ولم يدبرها أحد.
ويصرّ القذافي على اتهامه للقاعدة بالتسبب في الاضطرابات ببلده بالقول:" إن عناصرها تسللت تدريجيا من العراق وأفغانستان وشكلت خلايا نائمة في عدد من المدن منها "طبرق" و"بنغازي" وربما "مصراته"،.
وكالعادة يستدرك القذافي متناقضا مع ما قاله في السابق ليبدي استعداده بخصوص "القاعدة" للحوار مع أي شخص من القاعدة أو أي أمير من التنظيم أو من يعين نفسه ليجيء ليقابله ويناقشه، لكنه وبعد هذا الاستعداد يستدرك مرة أخرى بالقول:  "إن القاعدة لا تناقش ولا مطالب لها على الإطلاق،"
قرصنة أموال الشعب
وفيما يتعلق بقرار الدول بتجميد أرصدته قال القذافي:"إن الأرصدة المالية التي تم التحفظ عليها في الخارج، ليست للقذافي، وإنما هي أرصدة الشعب الليبي، وما حدث يعتبر اغتصابا لأموال النفط الليبي، وسطوا وقرصنة على أموال الشعب، طمعا في ثروة البلاد."، حسب تعبيره.
ويشدد على أن هذه الأرصدة تابعة للدولة الليبية، وليس له أو لأفراد أسرته، ونفى القذافي أن يكون أي من الأرصدة التي تم تجميدها عائداً له، وقال بطريقة تعبير المميزة: "يأخذون الأرصدة الليبية ويقولون إنها أرصدة القذافي، ليت عندي أرصدة لكي يجمدوها".
وتابع بالقول: "أنا رصيدي القيم والمجد والشعب والتاريخ.. هذا رصيدي الذي لا يفنى وليس الدولار الأمريكي. ."
وكما هو معلوم فإن ثروة ليبيا الأساسية هي الذهب الأسود، وحول هذا الأمر، لعل مراقبين أكفياء يعجزون عن تفسير قصد القذافي عند تطرقه إلى مسألة النقص الحاصل في إمدادات النفط الليبي، عند قوله:"نقص النفط الليبي سيعوضه النفط السعودي، فالسعودية تنتج 12 مليون برميل حالياً، وهي تستطيع أن تنتج 15 مليوناً لسد العجز"!
بين المغازلة والتهديد
وفيما تدق طبول الحرب بعد صدور تقارير عن استعداد الدول لتنفيذ الحظر الجوي على الأجواء الليبية، وسط محادثات بين أعضاء الدرع الدفاعي المعروف بحلف شمال الأطلسي وتوجه سفينتي إنزال أميركيتين نحو ليبيا ، يقول القذافي في خطابه :"إذا كان الغرب لا يريد صداقتنا فنحن نقبل هذا التحدي، وهم الخاسرون، لكن الشرق العظيم فيه الصين وروسيا والهند، وكذلك البرازيل في أميركا اللاتينية، وسنحضر الشركات الصينية والهندية والروسية بدلاً من الغربية." مردفاً :"سنموت جميعاً دفاعاً عن النفط".
لكنه في المقابل ودائما في منحى التناقض مع أقواله السابقة، دعا القذافي مندوبي البعثات الدبلوماسية الذين هجروا سفاراتهم وقنصلياتهم إلى العودة مرة أخرى إلى ليبيا.
لكنه يستدرك مهددا دول أوروبا بالقول: " ليس من مصلحة الغرب زعزعة استقرار ليبيا، فملايين الأفارقة سيذهبون إلى أوروبا عبر ليبيا ولن يتصدى لهم أحد، وسينتشر القراصنة في البحر المتوسط، وستتوقف أنابيب الغاز وحتى إمدادات الكهرباء في البحر المتوسط".
ويصف القذافي من يطلبون فتح باب المساعدات الأجنبية لليبيا بمن "يطلبون فتح باب الاستعمار للبلاد."، مضيفاً أن "موانئ النفط الليبية آمنة وتحت السيطرة، لكن الشركات والخبراء الأجانب يخشون مما يسمى بعصابات مسلحة في البلاد."
في المقابل  يغازل القذافي الرئيس الأميركي باراك أوباما وإسرائيل متطرقا إلى الدور الأميركي، قائلاً :"أوباما شاب سياسته معقولة، وهو ليس استعماريا مثل بوش وكلينتون (الرئيسين الأمريكيين السابقين)، وأعتقد أنه يستطيع أن يجنب بلاده عراقا أو أفغانستان جديدا."
ويذهب أبعد من ذلك في استدراج تفهم "الأقوياء" لوضعه بالقول مبررا إنّ استخدامه القوة بسبب تصدي بلاده لهجوم مسلحين و"كما تفعل إسرائيل في غزة والقوات الباكستانية في وادي "سوات"، حسب تعبيره!
إلا أنه يستدرك متوعدا أميركا والغرب إذا ما تدخلوا فى شؤون ليبيا "لأنهم سيلاقون ما لا يستطيعون ردعه"، مؤكدا على أن  ما حدث في مصر وتونس من تنحي الرئيسين محمد حسني مبارك وزين العابدين بن علي لن يحدث في ليبيا.
وفي هذا الصدد وجه القذافي  انتقادات لاذعة لمجلس الأمن الدولي لإصداره قرارا بالإجماع السبت بفرض عقوبات على النظام الليبي، قائلا "لا يجوز لمجلس الأمن بناء قرار على وكالات أنباء خارجية".
كما يتهم القذافي مندوب ليبيا السابق في الأمم المتحدة عبدالرحمن شلقم، والذي يعد أحد المقربين السابقين منه، بالخيانة، وإنه السبب وراء قرار مجلس الأمن الدولي الأخير بفرض عقوبات على القذافي وعدد من المقربين منه.
ودائما على مستوى العلاقات الخارجية يقول القذافي :"إنه أجبر إيطاليا على طأطأة الرأس وتقبيل يد حفيد عمر المختار والاعتذار عما اقترفته في حق الشعب الليبي"، وتصديقا لقول القذافي بخصوص هذا الأمر فقد تم تبادل هذه الأيام مقطع فيديو، اطلع عليه "إسلام أون لاين" يظهر فيه رئيس الحكومة الإيطالية برلسكوني وهو يقبل يد القذافي في إحدى المناسبات العالمية.
إلا أن إيطاليا لا تستبعد حدوث الأسوأ ، حيث قال وزير الصناعة الإيطالي باولو روماني اليوم إن هناك "احتمالا حقيقيا" بأن يأتي الزعيم الليبي معمر القذافي بتصرف يائس للدفاع عن نظامه. يشار إلى أن ثلث واردات إيطاليا من الطاقة والنفط مصدره ليبيا.
من دون شك إن اهتمام الدول الغربية بليبيا خلفيته الأساسية النفط، وهو ما دفع ربما العقيد الليبي معمر القذافي إلى القول اليوم: "إن الليبيين سيموتون بالآلاف إذا دخلت الولايات المتحدة أو أي قوى أجنبية أخرى ليبيا". لكنه وككل مرة يستدرك ويبدي استعداده لمناقشة تغييرات دستورية وقانونية من دون أعمال عنف، التي نفاها في الكلمة ذاتها التي ألقاها بمناسبة الاحتفالات بسلطة الشعب.
في السياق ذاته، يقول القذافي ومن خلال عبارة انتشرت بسرعة البرق في مواقع الكترونية عديدة   "سنقاتل حتى آخر رجل وامرأة دفاعاً عن ليبيا".
بصفة عامة، يعد هذا الخطاب خامس ظهور للقذافي منذ انطلاق "ثورة 17 فبراير"، وقد جدد فيه تسليم زمام السلطة لشعبه. هذا الأخير يجاهد حاليا لجعل ادعاء القذافي واقعا وهو طموح قد يتحقق قريبا على أرض الواقع في ثورة ثانية تشهدها ليبيا منذ 1969.



لدخول الموقع اكتب فى جوجل مدونة شوشرة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق